تتباهي بأنها أقدم آلة موسيقية ما زالت تعزف حتى يومنا هذا، إنها آلة أرغن فالير الموسيقية التي يُـعتقد بأنها صُـنعت قرابة عام 1430، إنها أسطورة فريدة من نوعها لَـطالما احتلّـت مكانة الصّـدارة في “مهرجان الأرغن القوطي”، الذي يُـقام منذ أربعين عاما في مدينة سيون، عاصمة كانتون فالي ماأن يتقدّم الزائر بخطُـواته داخل الكنيسة التاريخية العتيدة، حتى يجِـد بأن رجلَـيْـه قد عشقتا موقِـعا لا تريدان أن تتحوّلان عنه، وفي لحظة من لحظات الوجوم، يشخص ببصره إلى أعلى ليكتشِـف المصدر السحري الخلاب الذي أخذ لبه وقلبه وتملّـك مشاعره.إنه الآن يحظى بتشريف ما كان ليحصل عليه كل يوم، إنه أمام عرض مغر أنّا له أن يُـقاومه، إنه التلذذ بسماع عزف موسيقي على آلة عمرها أكثر من 550 سنة، هي الآلة الأقدم في العالم، التي ما فتئت تقدّم ألحانها. حقا إنها معجزة تحتضنها قلعة أو دير فالير “château de Valère”، وقد قالوا إن للمعجزات مواطنها وأهلها
ما أن يصعد الزائر الدَّرَج الضيِّـق والشاق، كما فعل كاتب هذه السطور، حتى يجِـد نفسه أمام آلة موسيقية عجيبة، أرغن، ولكنه ليس كمثيلاته مما اعتدنا على رؤيته في الكنائس الحديثة، فهذا الأرغن ليس فيه لوحات ملامس يدوية متراصفة ومُدَرّجَة ولا لوحات ملامس قدمية متعدِّدة ولا أزرار ومفاتيح متنوعة، وإنما فيه مجرّد لوحة صغيرة لمفاتيح وأزرار للتأثيرات الصوتية شبيهة بتلك الموجودة على آلة “بيانو” الأطفال وللحقيقة، فإن أرغن دي فالير، ذا الطراز القوطي، ليس فريدا من نوعه بكامل معنى الكلمة، إذ توجد في بلدان أوروبية أخرى آلات موسيقية تعود لذات الحقبة التاريخية، “فهناك عدة أرغنات في إسبانيا تعود إلى القرن الرابع عشر، ولكن آلية عملها تعطّـلت وجرت استعاضتها بأنظمة تقنية أكثر عصرية