الموسيقى المتوسطية هي مزيج موسيقي بين جميع أنواع الموسيقى في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. و هي تضم الموسيقى العربية و الغربية والموسيقى علم لا يقبل التطور منفرداً بل يجب ان يصاحب ذلك التطور الطرب والفن في التحام النغمات وتشابك الايقاعات. واذا قمنا بدراسة للموسيقى الغربية خصوصاً في الدول الواقعة حول البحر الابيض المتوسط نجدها متفقة متوحدة وربما لا يستطيع غير المختص ان يميز بين الموسيقى الاسبانية والموسيقى اليونانية او التركية والدول المجاورة الاخرى رغم ان هذه الدول تمتلك تأريخاً في الموسيقى والغناء الا انها مع ذلك التباعد بدأت تصب في قالب واحد وذلك لاسباب عديدة في مقدمتها: الآلات المستخدمة في التوزيع والتلحين وتقارب الايقاعات ايضاً وربما الحناجر البشرية، ولقد تأثرت الموسيقى التركية باليونانية واختلطت مع الاسبانية وتلاحمت لتعبر الى بقية الدول المجاورة رغم ان للاتراك خصوصية واضحة في التلحين والغناء وقد ذهب البعض الى ان سبب التلاحم يعود الى نشأة الموسيقى في كل هذه الدول التي كانت تعتمد الاهازيج والرقصات والانشاد الديني والطقوس المنبثقة عن المعتقدات المتقاربة في هذه الدول، اما المقامات او النغمات الموسيقية التي وحدت بالثورة الصناعية او ما يسمى بعهد النهضة فهي نفسها في كل الدول الاوروبية واذا اردنا ان نقدم دراسة مقتضبة عن الموسيقى في دول حوض البحر الابيض المتوسط فنقول ان النواة التي افسحت المجال للرقي الموسيقي في البلدان المتاخمة لحوض البحر الابيض المتوسط قد تشكلت منذ العصور القديمة في صلب الحضارات المعروفة في بلاد ما بين النهرين ومصر الفرعونية وبلاد فارس. ان الاشكال الموسيقية في مجموع هذه البلدان والذي بقي فيها بعض الاثار ترتبط اساساً بالأناشيد الدينية والاغاني وغيرها من الالحان التي تمجد بعض المقدسات المحلية وتنطوي على بعض الممارسات ذات العلاقة بدافع شرور السحر والشعوذة، وعلى العكس من ذلك فإنه يبدو ان موسيقى الرقص في مصر احتلت الصدارة ومن جهة اخرى فهنالك العديد من اشكال الفسيفساء التي تمثل المتحاربين وهذا ما يشير الى المكانة الهامة التي خصصت للموسيقى العسكرية، وهذه الممارسات الموسيقية كلها تطلبت بحوثا متواصلة ادت الى تحسن وتقدم معتبر بالقياس الى الوضع السابق على العصر الحجري والجديد وادت الى اكتشافات في مجال علم الآلات الموسيقية والى تطوير اللغة الموسيقية في مجال السلم الموسيقي بوجه خاص
ان الموسيقى العربية انتشرت وشاعت في اوروبا واثرت فيها وخاصة في شمالها في انجلترا والمانيا وذلك بعد بروز الشعر الغنائي وخلال هذه الفترة كلها لم تكن الثقافات الموسيقية الدنيوية منها والدينية في الشرق والغرب تعرف الموسيقى اللحنية اي الخط النغمي الذي تصاحبه الايقاعات والنقر، وادت نشأة البوليفونية وتطورها الى القطيعة في ذلك التلاحم الموسيقي للعديد من الشعوب بحيث ان الغرب وصل بمفرده لطريقه على اساس الكونتربواتت ثم الهارموني، اما التأثير الشرقي فجعل يظهر بين الوقت والآخر في الفنون الغنائية التي تدور حول حدث ما او وضع ما ذي طابع شرقي ومنذ ذلك العهد صارت الموسيقى الشرقية تذكر على انها شيء من طابع الغرابة مثلما هو الشأن بالنسبة لمقطوعات موزارت وخليفة بغداد ولبا لديو الفرنسي واوبرا معروف لرابو وأوبرا شمشون ودليلة وديجايترلسان سانس والليث الجزائرية في المجال السمفوني والليلة الفارسية والايطالية في الجزائر لروسيني وعايدة لفيردي، لقد تواصل التطور الموسيقي الغربي باستثمار النظام الصوتي مما ادى الى نوع من المأزق على الصعيد الجمالي في مضمار الابداع الموسيقي الغربي وواصل المؤلفون الموسيقيون استخدام انظمة وصوتية اخرى (البوليتوناليزم) و(الدوديكافونيتزم) و(الاتوناليزم) بما في ذلك موسيقى الاحوال الذاتية وذلك على الرغم من تلك العودة الخجولة الى طريق الكتابة الموسيقية التي سادت بعد الفترة الكلاسيكية ويذكر ان الفنان الباحث الكبير (رولان دي كوندي) قال عن هذه المرحلة في مجال الموسيقى الحديثة في القرن العشرين تنطوي ولا شك على خصائص معينة لا مثيل لها في الماضي من قبل تنوع النزعات واعادة النظر في المبادئ الاساسية وانعدام التواصل المستمر او المباشر وهذه كلها رسائل نشر هائلة بحيث يمكن بفضل التحكم فيها توجيه الثقافة الجماعية والتأثير على التأريخ بطريقة لصطفاء اعتباطي