لطالما لازمت الموسيقى الحرب على مر التاريخ، يستعين بها الجنود على شبح الموت الذي يحاصرهم، يستبدلون أصوات الانفجار بنغماتٍ عذبة، وملمس معدن البندقية، بالأوتار الموسيقية فالموسيقى من أقوى أشكال الفن، ربَّما أقواها جميعًا يمكن لبعض نغماتٍ موسيقية أن تلهب حماس الآلاف ولأسباب واضحة، كان هذا النوع من الفن مناسبًا لاستخدامه في الحروب والنزاعات أحدثت ثقافة البوب في أواسط القرن العشرين تغييرات اجتماعية عميقة وارتبطت ثقافة البوب المسالمة مع شعار “لا للحرب” في ألمانيا، وغذت أكبر المظاهرات الحاشدة منذ الحرب العالمية ضد قرار حلف شمال الأطلسي المعروف بـ “القرار المزدوج”، بمشاركة عازفي بيانو وجيتار ومؤلفي أغاني. كانت تلك المقاومة اللاعنفية وفق تعاليم غاندي والعصيان المدني السد المنيع في مواجهة نشر الصواريخ النووية في ألمانيا أغنية بلا تشاو من الفلكلور الإيطالي وعرفت الأغنية من قبل حركة المقاومة التي تشكلت ضد النازية كانت موسيقى فريدريك شوبان رمزًا قوميًّا بالغ الأثر إلى الحد الذي دفع بالألمان إلى وضع موسيقاه على القائمة السوداء في بولندا وحدها في عام 1941، خوفًا من إثارتها النزعات القومية البولندية ضد الاحتلال النازي
استخدم الإنسان الموسيقى في الحرب من قديم الأزل الأناشيد وموسيقى المارش كانت وما زالت تمثل جزءًا أصيلًا من الجيوش العسكرية في كتاب «فن الحرب» يتغزَّل مكيافيللي في الأبواق باعتبارها أداةً تكتيكية تبعث بالإشارات إلى الجنود في ميادين القتال مخترقة ضوضاء المعركة. قبلها استخدم الرومان الآلات الموسيقية في التواصل وإعداد التشكيلات العسكرية، وإلهاب حماسة الجنود. وكان للموسيقى دور في الحرب العالمية الثانية استخدم الحلفاء سيمفونية بيتهوفن الخامسة رمزًا للمقاومة ضد الألمان وفي 1942، عزف شوستاكوفيتش سيمفونيته السابعة للمرة الأولى في أثناء حصار ليننجراد (سانت بطرسبرج الحالية). أكل الناس الجلود واصطادوا القطط والكلاب، وحصدت المجاعة أرواح كثيرين. لكنهم لجؤوا إلى الموسيقى وسط كل هذا، لتصبح سيمفونية شوستاكوفيتش رمزًا للمقاومة وتحدي الحصار، لرفع معنويات أهل ليننجراد ويمكن لنشيد ثوري صادق يتغنَّى به الشعب ترتجف له الأنظمة السلطوية وتسعى إلى إسكاته، كما حظرت الصين في عهد ماوتسي تونج كل الفنون التي لا تخدم الاحتياجات الأيديولوجية للدولة، واشترط الاتحاد السوفيتي موافقة الرقابة على كل الأعمال الموسيقية المنشورة، فالثورات تقوم على الأمل، والموسيقى لا تفك حصارًا أو تسقط حكومة، أو تغير السياسات الأمنية، لكنها تشد من عضد الناس وتلهمهم، في سبيلهم إلى فعل كل هذا
المعهد المصري للدراسات